
ليس صعباً على مسئولي التلفزيون أن يتوجهوا إلى «الشباب المحتج» لو أرادوا أن يستمعوا ولو لمرة واحدة مع من لم يجد فرصة لإيصال صوته لمن يهمه الأمر... ولكن المشكلة أن هذا الإعلام الرسمي يشوش الرؤية على المسئولين ويحجب المعلومات عنهم، ويستعرض آراء أحادية وغير منصفة تسعى إلى تفريق أبناء المجتمع الواحد.
نعم، قد ينزعج في بادئ الأمر المسئولون من سماع بعض الهتافات ورؤية بعض الشعارات، ولكن ما لا يمكن الشك فيه أن هؤلاء هم أبناء هذا البلد الأصيل، وأي محاولة للتشكيك في هوياتهم ونواياهم - كما يحاول البعض - إنما يصب الزيت على النار.
إن هناك أخطاء في التعامل مع شباب الوطن وهذه الأخطاء بحاجة إلى علاج جذري وشامل، يبدأ بالاستعداد للاستماع إليهم والاستجابة العملية لمطالب أصبحت من ضروريات الحياة، ولاسيما أن العالم أصبح مفتوحاً على بعضه البعض، ويعرف الشباب كل ما يدور حولهم ويتطلعون إلى الاستفادة من طاقاتهم من أجل الصعود بما يليق بالعيش الكريم واللائق.
يوم أمس، تحدثت إلى عدد من الشباب المحتجين، وهؤلاء بدأ العالم يستمع إلى كل ما يقولونه، ووسائل الإعلام العالمية تسلط الضوء عليهم بشكل مركز، وتدرس كل كلمة يقولونها، وكل فعل يقومون به. هؤلاء الشباب لديهم مطالب، وتجد المرارة في قلوبهم عندما يستذكرون واقعهم غير الملائم سياسياً ومعيشياً.
ويوم أمس انتشرت إشاعة أن موفداً رسمياً ذهب للحديث مع المحتجين، ولكن هذا يدخل ضمن الإشاعات، كما أن الشباب لم يعتادوا رؤية أي مسئول يتحدث إليهم مباشرة، وكل ما يسمعونه ويرونه من الإعلام الرسمي إنما لتوجيه السهام المسمومة لهم باستمرار.
ويوم أمس أيضاً أصبح واضحاً أن إبطاء الإنترنت - رغم اعتذار إحدى شركات الاتصال - إنما جاء بقرار ليس له علاقة بخلل فني، إذ لا يمكن تصديق وقوع الخلل عن طريق المصادفة، ولاسيما أن عرقلة تصفح الإنترنت موجهة على مواقع إلكترونية بصورة انتقائية واضحة، وعلى فنادق معينة ومنازل ومؤسسات. هذا يوضح أن الصرف الهائل على المنع والتشويش هو السائد، ولو قررت الجهات المعنية ان تعكس الاتجاه بحيث تصرف كل هذه الأموال على الالتقاء والتفاهم لوجدت أن أعداءها ليسوا مجموعة من الشباب، وإنما أولئك الذين يحجبون الواقع ويشوشونه ويزرعون الشك بين هذا وذاك./