المشكل حسب كثير من المعارضين يكمن من جهة في كيفية التأكّد من النوايا الحقيقية لأصحاب الأصوات الداعية إلى توحيد صفوف المدونين في عالم افتراضي تقل فيه فرص التأكد من ميولات أصحابه و كيف يعطوا أنفسهم حق الكلام باسم الجميع رغم أن واقع حال هذه التنظيمات يوحي بأنها لم تنشأ حقيقة بتكليف من مجموع المدونين ،و أن ضررها على مستقبل التدوين ربما يكون أكبر من نفعها.
أما من جهة أخرى فنجد من يبرر رفضه لها بسبب تخوفه من كونها ستحرم التدوين من أهم ميزة عرف بها ألا و هي هامش الحرية . فهذا المدون الصحفي محمد عمر من الأردن و هو العارف بخفايا ميدان الإعلام و بالنشر الإلكتروني كان من ضمن الذين عبروا عن موقفهم صراحة بأنهم ضد فكرة اي شكل من اشكال التنظيم لعملية التدوين.و يفسر ذلك بأن هذا التوجه سيفقد العملية هامش الحرية الذي تتمتع به (2)…يقول هذا بالرغم من كونه يرأس تحرير موقع البوابة الذي يشرف على واحدة من أهم منصات التدوين على مستوى العالم العربي .
أما المدون المصري محمد الشرقاوي صاحب مدونة " الفيل .النت بتتكلم عربي " فيذكر بأن القائمين على أي تنظيم تدويني ما يزالوا يسمون أنفسهم اتحاد المدونيين المصريين او الجزائريين و هم لايستطيعون ان يفصحوا عن إسمهم الحقيقي " اتحاد بعض المدونيين المصريين او الجزائرين" الذي لا يتعدى عدد المنتسبين له 200 عضو من أصل عشرات الألوف. مع العلم أن أحدنا لو يأتي ليدقّق فيحذف عضوية المجاملات والعضوية السلبية لكانت الصورة مفزعة ،و من هنا فهم أقرب لأن نسميهم اتحاد اصدقاء رئيس الاتحاد من بعض المدونيين المصريين أو الليبيين ، و بالتالي فإذا كانوا لايجرؤون على قول الحقيقة عن أنفسهم كيف نتوقع أن يقولوها عموما لما يتكلموا باسم كافة المدونين . و خلص " الفيل "في النهاية إلى القول بأن هذه التنظيمات إنما هى كيانات وهمية الهدف الرئيسي من وجودها هو خدمة المركز الإجتماعي للقائمين عليها أو خدمة أمور أخرى سيكشف عنها المستقبل!!(3)
عصام حمود الذي يعد من أشهر المدونين الجزائريين يقول في تصريح نشر مؤخرا بمدونة علاوة حاجي (4) بأنه مؤمن بتدوين يجعل الجميع متحدين ولكن من دون نواد ولا اتحادات فارغة المعنى. فثقافة التدوين ــ يضيف قائلا ــ تنبع من الحرية والاستقلالية.. فكيف إذا كنت أرفض الانضمام إلى أي جهة أو حزب أن أنضم إلى نادي للتدوين، أليس هذا تناقضا.
أما أنا فأرى من جهتي أن الخوض في هذه القضية يتطلب العودة للنظر في مذاهب الناس حيال التدوين ،إذ لا يمكننا أن نسوي بين من يدون نتيجة لرغبته الخاصة في الترويح عن نفسه فيلجأ لنشر يومياته أو كتابة محاولاته الأدبية و بين من دخل هذا الميدان كشكل من أشكال النضال السياسي أو الفكري بعد أن سدت في وجهه كل أشكال التعبير عبر القنوات التقليدية.كما أننا لا يمكننا أونسوي بين هاذين الصنفين و بين من وجد في التدوين فرصة لاحتراف ميدان الصحافة طمعا في تحقيق ذاته مهنيا و ماديا . خاصة و أن المهتمين بهذا القطاع من خريجي معاهد الإعلام و غيرها من الكليات ذات العلاقة هم يلاحظون مثل غيرهم ظهور كثير من المدونات في دول الغرب وتمكنها من النجاح كوسائل إعلام ذات بعد تجاري ،و بالتالي فإذا تمنى هؤلاء الشباب أن يستغلوا فرصة التدوين لتحقيق أحلامهم المهنية فهنا لا أحد لديه الحق في أن ينكر عليهم طموحهم، خاصة و أن البطالة أضحت مثل الوحش المفترس يحرم عددا لا يحصى منهم من تحقيق نفسه مهنيا.و نظرا لما تقدم فإذا سلمنا بأن كل واحد حر في التدوين بالشكل الذي يحلو له، فإن هذه الحرية تعني في أحد أهم أوجهها أن من اقتنع بأن شفافية التدوين تفرض عليه الإبتعاد عن الإنتماءات ، فإن هذه القناعة لا تمنحه الحق في الإنتقاص من شأن من يؤمنون بوجوب التهيكل في إطار تنظيمات تدوينية يدافعوا من خلالها عن أفكارهم بشكل جماعي أو يطالبوا عن طريقها ببعض الحقوق أو يآزروا من يتعرض منهم لمضايقات. لأن المدون حين يخوض في السياسة أو يزاحم أرباب الصحافة في قوت يومهم أو يبادر بأي نوع من أنواع الكتابة التي تترتب عنها مسؤولية أمام القانون و يكتب باسمه الحقيقي وصورته من الممكن جدا أن تعود كتابته عليه بالضرر والمتاعب،خا صة و أن الكل يتتبع أخبار انزعاج السلطات في بعض الدول العربية من موجة التدوين و ما يترتب عن هذا الإنزعاج من اختفاء و سجن لكثير من رواد هذا النشاط .
فالمدونات حسب رجال السلطة " لا تعني أكثر من وسائل أتاحت للأجيال الجديدة من الصحفيين والأدباء الشعبويين الشبان،فرصة التعبير عن أنفسهم وقضايا مجتمعهم من خلال الاعتماد على منهج استخدام المواطن كمصدر ومنتج ومستهلك للمعلومات فى نفس الوقت، وهو الأمر الذى لا يتوافر فى وسائل الإعلام التقليدية التى غالباً ما يحدث فصل فيها بين هذه العناصر الثلاثة سالفة الذكر، مما ساهم فى كسر مصفاه الإعلام التى تتحكم فيها الدولة، وأدى إلى إزالة الكثير من مظاهر الغموض بشأن حركة المعلومات وسهولة الحصول عليها فى المجتمعات، وخلق نمط جديد من وسائل تعزيز المحاسبة والشفافية داخل النظم السياسية العربية." و بالتالي فعندما يفكر المدون في طريقة توافقية تربط العلاقة بين الصحفيين على الانترنت والمدونين والقراء والدولة تضمن حقوق الجميع و تمكنه من العمل من أجل تعميق الثقة بين الأطراف ، فهنا نجد أنفسنا مجبرين على تفهم موقفه ،لأن هذا النوع من العمل لا يتحقق إلا إذا كان مسنودا بنقابة أو اتحاد ينشط في إطاره.
لكن رغم هذا فما يجعلني أتوقف في موضوع هذه التنظيمات هي الضبابية التي تطبع نشاطها بشكل عام فحسب تقديري الشخصي لا يحق لشخص أو مجموعة أن يوجهوا دعوة للناس و يقولوا لهم تعالوا لننشئ اتحادا للمدونين المصريين او الأردنيين و الجميع يعلم أن المجتمع المصري أو الأردني منقسم على نفسه إلى جماعات و أحزاب ،فلا يعقل أن تختلف هذه المجتمعات في كل شيئ و تتوحد فجأة لما يتعلق الأمر بالتدوين، و عليه فأنا أرى إن كان و لا بد فالأجدر أن يتم الإعلان من البداية بأن هذا التنظيم أو ذاك يعد امتدادا لتيار فكري أو سياسي معين و هكذا يتمكن المدون من اعلان إنتمائه على أساس من الشفافية و لا يصبح كما يقال "مثل الأطرش في الزفة"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
(1) نص اعلان الموافقة يمكنكم مطالعته في المدونة الناطقة باسم الجمعية.
http://jbu.maktoobblog.com/1491539/%d8%b5%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d9%81%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%b3%d9%85%d9%8a%d8%a9/
(2) يمكنكم مطالعة موقف الأستاذ محمد عمر في رده على تعليق لي عنده
http://www.mohomar.com/mohomar/65608/2009/01/02/112573
(3) كلام الدكتور محمد الشرقاوي منشور في مدونته
http://hadoota.maktoobblog.com/1611833/%d8%a7%d8%aa%d8%ad%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%88%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-2/
(4) نص الإستجواب
http://1.maktoobblog.com/1488492/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A-%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ..
ردحذففي رأي المتواضع أن المدونات هي نافذة كلمة الحق الوحيدة التي لم يدنسها الإعلام العربي بهيمنته المطلقة على كل وسائل الإعلام المقروءة والمرئية.
وصوت الحق يعلو .. ولا يعلو عليه
تحياتي لك
م / معتز يوسف خلة
ردحذفعرباوي
عرباوي قال:
يونيو 10th, 2010 at 10 يونيو 2010 9:17 م تحرير
طيب كلنا نحترم عبد المطلب ولكن هذا عم النبي وسانده ونصره رغم عدم إسلامه لكن جميع صفاته كانت مختلفة عن كفرة هذا العصر من هنود وصينيين وسيوعيين
أستاذ توفيق التلمساني وهل الأوربيين من وجهة نظرك كفرة أم أهل كتاب لا أعرف أشعر بتحيزكم لأصدقاءكم
والسؤال الثاني
كتبتم البند رقم ثلاثة أنت والسويفي ألا يظهر لكم هذا التعليق تشويهاً متعمداً لأئمة المساجد وحافظي القرأن الكريم ولماذا صلاة الفجر بالذات
م / معتز يوسف خلة
عرباوي