بي بي سي -موريتانيا / أمان الله حسام./ مارس 2007
في موريتانيا 2007 وقبيل أيام قلائل من الانتخابات الرئاسية المنتظرة يجد المتابع أن لكل مرشح من مرشحي الرئاسة الـ19 مناصرون بأعداد لا يستهان بها.
وصعوبة التكهن بنتائج الانتخابات هنا لا تعود فقط إلى كثرة عدد المرشحين وإمكانية حدوث المفاجآت دائما، بل أيضا إلى طبيعة التكوين الاجتماعي والمجتمعي في البلاد.
ففي ظل حالة الفقر الشديد والامية المتفشية يسهل تفهم تقديم كثيرين للولاءات العشائرية والمنفعة المادية على الانتماءات الحزبية والايديولوجية.
ويرى الصحفي الموريتاني ومراسل وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية، المختار ولد الشبيه، أنه لا تزال هناك مجموعة من القيادات العشائرية ورجال الاعمال تتحكم إلى حد كبير في العملية الانتخابية.
حالة تسييس المجتمع الموريتاني: رغم ذلك، باتت جلية في الآونة الاخيرة، وقد يكون لمشكلات الفقر والتخلف في حد ذاتها دور في هذه الحالة من خلال إدراك الناس أن تغيير الواقع يتطلب منهم مزيدا من الايجابية السياسية والمشاركة في صياغة المستقبل بدلا من مجرد الاستسلام للواقع وتمني الاماني.
وقال ولد الشبيه إنه كما أن موريتانيا هي بلد المليون شاعر فهي أيضا بلد المليون مسييس أو المليون سياسي.
الاوفر حظا: هناك ثلاثة أو أربعة مرشحين يوصفون بأنهم الاعلى حظوظا في حلبة المنافسة على الرئاسة. أولهم أحمد ولد داده، رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية، وهو الحزب المعارض الرئيسي في موريتانيا منذ حوالي 16 عاما.
وقال الصحفي ولد الشبيه لـ بي بي سي، إن ولد داده الاوفر حظا لبلوغ الشوط الثاني. وأضاف ولد داده إلى رصيد شعبيته بانضمام عدد من أنصار الرئيس المخلوع ولد الطايع إلى معسكره بعد انقلاب أغسطس/آب في 2005 بعد سريان إشاعات بدعم المجلس العسكري له، بحسب ولد الشيبه.
والمفارقة أن هذه المزاعم انتقلت بعد فترة لتطال منافس ولد داده الرئيسي في الانتخابات وهو سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي يصفه بعض المعارضين بأنه مرشح السلطة، وهو ما نفاه العسكر بشكل قاطع في الحالتين.
يذكر أن ولد داده، الذي يوصف بأنه اقتصادي ليبرالي، هو شقيق مؤسس البلاد الراحل المختار ولد داده، وكان من أشد المعارضين لنظام ولد الطايع وسجن عدة مرات وأغلق حزبه وصودرت ممتلكاته.
وأوضح ولد الشبيه أنه رغم ذلك ظل ولد داده ثابتا على مبادئه ورفض الدخول في أي حوار مع نظام ولد الطايع ولم يدخل القصر الرئاسي حتى حدوث الانقلاب. وحصل حزبه خلال الانتخابات البرلمانية على 16 مقعدا، وهو أكبر عدد يفوز به حزب سياسي في الجمعية الوطنية.
سيدي ولد الشيخ عبد الله ويعتبر ولد الشيخ عبد الله أقوى المنافسين لولد داده، رغم أنه غاب عن الازمات والصراعات السياسية التي شهدتها البلاد حيث قدم من الكويت التي كان يعمل بها، وهو وزير سابق وخبير اقتصادي.
ويحظى ولد الشيخ عبد الله بدعم مجموعة من وزراء وسفراء ونواب النظام والحزب الجمهوري الحاكم سابقا، وهي قوى يحسب لها حساب كبير رغم مآخذ الكثيرين عليها، بحسب ولد الشبيه.
لكن الصحفي الموريتاني رجح عدم حصول أي من المرشحين الاوفر حظا على الاغلبية المطلقة (أكثر من 50 بالمئة) في الشوط الاول في حال أجريت انتخابات نزيهة وشفافة، وهو ما يتوقعه المراقبون.
وأضاف ولد الشبيه أن حتى نسبة الـ 40 بالمئة تعد بعيدة المنال لأي من المرشحين السابقين. تشتت أصوات الناخبين .
وعلل ذلك بوجود مالا يقل عن خمسة مرشحين رئاسيين آخرين أقوياء سوف يقتطعون نسبة كبيرة من أصوات الناخبين، بل قد يحقق أحدهم المفاجأة ويعبر إلى الجولة الثانية. من أبرز هؤلاء زين ولد زيدان، وهو قيادي شاب من التكنوقراط، وهو محافظ سابق للبنك المركزي، ويحظى بدعم التيار البعثي وعدد من قوى النظام السابق التي يتنافس عليها مع المرشح سيدي ولد الشيخ عبد الله.
ويعتقد ولد الشبيه أن ولد زيدان له طرحه الواقعي وقد يحقق مفاجأة بالصعود إلى جولة الاعادة. يذكر أن ولد زيدان أعلن أنه في حال نجاحه سيبقي على العلاقات مع إسرائيل ولن يسمح بقيام حزب إسلامي في البلاد.
وهناك أيضا صالح ولد حننا، وهو عسكري سابق، يحظى بدعم التيار الاسلامي وعدد كبير من أبناء الحوضين الشرقي والغربي، وهما خزانا الاصوات الاكبر في البلاد، بحسب ولد الشبيه.
مرشح رئاسي آخر هو محمد خونه ولد هيدالة، وهو رئيس سابق للبلاد (1981-1984) وأطاح به الرئيس المخلوع ولد الطايع في انقلاب عسكري، ويحظى بدعم الاقلية الزنجية، وحقق عدالة اجتماعية يعترف له بها قسم من الموريتانيين. محمد ولد مولود: وهو قيادي يساري معروف له شعبيته في غالبية محافظات موريتانيا. سابقة تاريخية في موريتانيالكن ما هي أسباب الاهتمام المحلي والدولي بالانتخابات الرئاسية هذه المرة؟ يعتقد ولد الشبيه أن ما تشهده موريتانيا حاليا يعد سابقة في تاريخها، "فللمرة الاولى لدينا عدد كبير من المرشحين للرئاسة لا يعرف أحد حتى الان من سيصل منهم إلى الحكم. في المرات السابقة كانت النتائج معروفة مسبقا، ولد الطايع كان الفائز دائما في أي انتخابات". فقد كان ولد الطايع مهيمنا على القبائل ورجال الاعمال والسلطة الادارية في البلاد، فشيوخ القبائل كانوا يجمعون له الاموال ويتفاخرون بالولاء له، ومسؤولي السلطة الادارية يتبارون في تزوير الانتخابات لصالح حزبه، ولم تكن عشيرة تجرؤ على أن تكون في الخندق المعارض، بحسب ولد الشبيه.
ورغم بعض الشكوك والمخاوف من نوايا المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا، فإن قطاعا أوسع، يشمل مختلف التوجهات السياسية، يجزم بأن مجرد المقارنة بين نظام الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع والنظام الحالي تنطوي على كثير من الظلم. وقد لمست ذلك من خلال حديثي مع شباب ينتمون إلى مختلف التيارات السياسية، القومية والاسلامية وغيرها، والذين كادوا يجمعون على أنهم الان يمكنهم الحديث والتعبير عن آرائهم بحرية وانتقاد النظام العسكري دون خشية من اعتقال أو تنكيل.
/ الصورة المرفوقة بالنص هي من اقتراح توفيق التلمساني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق