الثلاثاء، 16 فبراير 2010

المدونة الناجحة والمدونة المحترمة

حسن مدني .مدونة فارس وحيد :طرح أخي العزيز المدون عادل سعيد سؤالاً عويصاً، ما هو معيار المدوَّنة الناجحة؟

قبل التعرض لإجابة هذا السؤال، أحسب أن علينا التمييز بين المدونة الناجحة والمدونة المحترمة أو المدونة الجيدة. ولكل من هذه الصفات معايير تختلف عن معايير الصفات الأخرى. فالمدونة الناجحة ليست بالضرورة محترمة.

فالنجاح قد يمكن قياسه بمعايير رقمية أو كمية. رقم معين إذا تحقق فهو يعنى النجاح، كلما ارتفع الرقم كان معناه المزيد من النجاح. في حين أن الاحترام مسألة تقديرية، لا يمكن قياسها بالأرقام. وهذه مشكلة تواجه وسائل الإعلام والأعمال الإبداعية عموماً. فقد تكون جريدة توزع ألف نسخة، ولكنها تحظى بالاحترام والمصداقية أكثر بكثير من أخرى توزع مائة ألف نسخة.

من ناحية أخرى، يفترض أن قياس النجاح يعتمد أساساً على غرض المدونة الأساسي في قلب صاحبها. وقد يرى العالم أن المدونة فاشلة، ولكنها حققت غرض صاحبها. فمثلاً أنشأ أحدهم مدونة بغرض سب مدون آخر، وقال فيها ما يثقله من سباب، وأبدى فيها ما يأكل كبده من غل على هذا المدون، فقد حقق غرضه، ويكون النجاح كاملاً إذا انسحب المدون الهدف، وأغلق مدونته. وهناك مدونات أقيمت من أجل نشر فكرة كتاب، وقياس نجاحها سهل وقريب، فإذا تم نشر الكتاب فقد نجحت المدونة في تحقيق هدفها. إذا عرف أن الناس لا تتقبل أعماله (شعراً أو نثراً) فقد أصاب بعض النجاح في معرفة أن الأدب ليس الطريق المناسب له. ولكن هذه النماذج بطبيعتها هي مدونات قصيرة الأمد، وينتهي عمرها بانتهاء وظيفتها. حتى وإن ظلت قائمة، فإنها تظل بلا هدف.

هناك أغراض أخرى للمدونات، فمثلاً هناك مدونات مخصصة لفضح التجاوزات الحكومية، وهي قادرة على الاستمرار في عملها ما استمرت هذه التجاوزات. وهي في الأغلب لا تنتهي في أي بلد من بلاد الدنيا. مادام الحاكم والمحكوم فيها من البشر. وهناك مدونات تدعوا إلى قضية معينة، وتعتمد أسلوب الإثارة والحشد، وليس التحليل والمنطق، فهي تعرض موقفاً مبدئياً لا يختلف الناس حوله، ثم تطبقه على مواقف يرى صاحب المدونة أنه لا ينبغي أن يختلف الناس حولها.في حين تتجه مدونات أخرى إلى عرض قضايا فكرية شائكة، تحتاج إلى عمل فكري، ومناظرات قد لا تنتهي إلى يوم القيامة، هناك مئات الآلاف من المدونات باللغة العربية، ولكل منها غرض. ويكاد يكون لكل منها معيار النجاح الخاص. ولكن إذا تحدثنا عن المدونات غير المحدودة بهدف مباشر. مثل مدونات الخواطر أو التعليق على الأحداث أو مناقشة الواقع الاجتماعي والسياسي، فأحسب أن المعيار الرقمي سوف يكون مفيداً في قياس نجاحها مع بض الشروط …

والمعايير الرقمية المتاحة للمدونة هي

الزوار:

عدد الزوار، فكلما زاد عدد الزوار إلى المدونة، كان هذا مؤشراً على نجاح المدونة. ولكن هذا النجاح لا يرتبط بالضرورة بالاحترام والجودة.

نسبة الزوار لعدد الإدراجات، تعطي هذه النسبة مؤشراً أكثر دقة من مجرد عدد الزوار. فمدونة ذات ألف زائر لعشرين إدراجاً، هي أنجح من مدونة مليون زائر لمليون إدراج.

انتظام معدل الزوار، هذا المؤشر يشير عادة إلى تردد الزوار إلى المدونة، وتكرار عودتهم إليها. وهو يعنى في صيغة أخرى ولاء العميل/ القارئ، وحرصه على متابعة المدونة.

التعليقات، وهو المؤشر الذي يعتبره الكثيرون المؤشر الأساسي على النجاح. وهو ينقسم إلى جزئين.

عدد التعليقات: وهو مؤشر في الأغلب يشير إلى تفاعل القارئ مع الإدراج المطروح، وهو ما يعكس الاهتمام والتأثر بالمادة المقدمة. ولكن هذا أيضاً مرهون بنوع التعليقات، فهناك تعليقات لا تعكس شيئاً على الإطلاق، مثل تعليقات الدعاية والأخبار، وهي التعليقات التي يشتكي منها كثير من المدونين. وهناك تعليقات في الصميم، يعرف منها الكاتب أن القارئ قد أحسن القراءة، وفهم الموضوع، سواء اتفق معه أو اختلف. فكلامهما نجاح. وهناك من الناس من اختلافه أنفع من اتفاق غيره. فيكفي أنه رأى في المدونة ما يستحق التعليق. وهذا الجزء من تقدير نوع التعليق متروك للمدون ذاته، فهناك من يرحب بالتصفيق والتحيات، وهناك من لا يرى نفسه نجح إلا بإثارة المعارك حول الإدراج، وهناك من لا يغمض جفنه إلا إذا رأى الغضب يثور حول إدراجاته.

هناك مقياس آخر للنجاح، وهو عدد المتابعين للمدونة، عدد الجمهور الذي ينتظر إدراجا جديداً على هذه المدونة لكي يسارع بقراءته. وهذا دليل كبير هذا ثقة القارئ بالمدونة وأصحابها أو اهتمامه بمتابعة ما يقول صاحب المدونة. وهذا الاهتمام هو عين النجاح في ظني.

هناك أيضاً من يعتمد عدد الروابط الواردة كمقياس للنجاح، فكلما زادت الإشارات الواردة إلى المدونة، كلما كان ذلك دليلاً على التقدير الذي تحظى به المدونة، ومدى أثرها عند القارئ الذي قرر أنها ليست مجرد مدونة تستحق أن يتابعها، وإنما هي مدونة تستحق أن ينصح الناس بقراءتها. وهذا في ظني هو المقياس الأكبر على النجاح. وهو مقياس يصعب تزويره، ويصعب إظهاره. ولكنه كذلك يعكس أعلى درجات الثقة والتقدير في ظني.

هذه هي المعايير الرقمية التي أعرفها للمدونة، ويمكن استخدامها لقياس مدى نجاح المدونة. ولكن… ولا بد من هذا الاستدراك

لكن..

هذه الأرقام يمكن تحقيقها بوسائل عديدة، ليس كلها جدير بالاحترام والتقدير، وليس ارتفاع هذه الأرقام دليل على جودة محتوى المدونة. فجرائد الفضائح وأخبار الفنانين أوسع انتشاراً وأكثر قراءً من المجلات الثقافية الرصينة، أو النشرات العلمية القيمة. فهل يمكن اعتبار هذا فشلاً للمجلات الثقافية؟

أحسب أن هناك شروطاً يجب توفرها في المدونة لكي تكون مدونة محترمة.

ومنها الاحترام الأخلاقي، وهو معيار أراه مهماً، ويرى غيري أنه غير مهم بالمرة، فهناك مدونات ترفع شعار هذه المدونة ترحب بالبذاءات. أو مدونة يعلن صاحبها أنه يفضل استخدام السباب في التعبير عن مواقفه. وهو رأي منتشر عند الكثيرين. وهناك قيمة المادة المعروضة، فمثلاُ كانت مدونة رسومات أخينا أحمد الضبع لا تلقى عشر عدد زوار مدونة تعرض صور الفنانات. ولكن بالتأكيد كانت رسومات الضبع أكثر قيمة بما لا يقاس. والتزام المدون بمبادئه، سواء اتفقت معه فيها أم لا، وهناك استقلالية المدون بفكره، فإذا كان المدون يردد ما قاله آخرون، فلماذا أذهب إليه؟ سأذهب إلى صاحب الكلام الأصلي. وكذلك يمكن إضافة قدر الإبداع في المدونة، ومقدار الأصالة في عرض المادة المقدمة. هذه العناصر لا يمكن قياسها بالأرقام. وإنما هي التي تترك انطباعاً جيداً عند القارئ، وتساهم بقدر كبير في رفع المعايير الرقمية التي أشرت إليها في أول الأمر.

ولكن من يعمل على رفع الأرقام (الزوار، والتعليقات، والمتابعين) بوسائل تتنافى مع الأخلاق سواء كان بالتزوير أو بوضع عناوين لافتة لمحتوى فارغ، أو نشر مواد غير أخلاقية من صور أو قصص أو خلافه، فقد يعتبر من ناحية مهنية صاحب مدونة ناجحة، ولكنها لا تكون مدونة محترمة.

والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظة مهمة

جاء هذا الإدراج استجابة لأخي المهندس عادل سعيد.

فهو إدراج مشترك، له الفكرة والأرباح

ولي الصياغة والتعليقات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرابط الأصلي للتدوينة في موقع مكتوب
لمطالعته في موقع وورد براس: لعبة التدوين3
لمطالعة لعبة التدوين1
لمطالعة لعبة التدوين 2
ــــــــــــــــــــــــ
المجموعة البريدية للمدونات العربية . لأخذ فكرة عنها و عن أهدافها ، اضغط هنا
مجموعات Google
اشتراك في المجموعة البريدية للمدونات العربية
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

أكثر المواضيع رواجا منذ نشأة المدونة.

تصنيفات

أخبار التدوين. (69) أخلاقيات التدوين. (6) استطلاع رأي. (3) الإنترنت في الدول العربية (3) التدوين من خلال تقييمات لتجارب شخصية. (2) المدونات الجوارية. (1) المدونات و دورها في الدعاية الفكرية و السياسية. (2) اهتمام رجال السياسة و مؤسساتهم بميدان التدوين. (9) اهتمام وسائل الأعلام بالتدوين و المدونات . (5) تدويناتي الخاصة. (32) تعرف على الأردن (1) تعرف على الجزائر (3) تعرف على موريتانيا (3) تعرف على موريتانيا. (1) تنظيمات التدوين (1) حريات (5) حملات عامة. (11) حوار مع مدون (مختصرات عن كرسي الإعتراف ) (3) حوار مع مدون أردني (2) حوار مع مدون جزائري (7) حوار مع مدون فلسطيني. (1) حوار مع مدون مصري. (4) حوار مع مدون موريتاني (5) حوار مع مدون. (5) دراسات عن التدوين (3) دعاية و ترويج (5) دليل المدونات العربية. (4) عيد سعيد (1) متابعات. (9) معلومات عامة عن الدول العربية (3) مفهوم التدوين و أهميته (14) مقالات عن التدوين في الأردن. (12) مقالات عن التدوين في الجزائر (7) مقالات عن التدوين في الكويت. (1) مقالات عن التدوين في فلسطين (1) مقالات عن التدوين في مصر. (7) مقالات عن التدوين في موريتانيا. (6) ملف التدوين الجواري (5) ملفات التدوين. (4) من أحسن ما قرأت في المدونات المصرية. (3) من أحسن ما قرأت في مدونات موريتانيا (1) من أهم ما قرأت في مدونات الأردن (2) من أهم ما قرأت في مدونات الجزائر. (7) من أهم ما قرأت في مدونات المغرب. (3) مواقع أدلة و منصات متخصصة في التدوين. (1) نجوم التدوين ( حوارات ) (11) نصائح و مساعدات عملية يحتاجها المدون (5) نقاش (5) هذه المدونة (2) وحدة الأمة العربية و الإسلامية . (1)