ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنة رابعة تدوين ! للمدون المغربي محمد سعيد حجيوج.
لا أذكر تحديدًا متى صادفت لأول مرة كلمة “Blog”، لكني في شهر أبريل 2005 كنت مدركًا تماما لماهية التدوين وكيفية إنشاء المدونات، فأنشئت في الأول من مايو 2005 مدونتي الأولى। كان عدد المدونات العربية آنذاك قليلا، ولم تكن الكلمة العربية “مدونة” شائعة الاستخدام بعد। عدد المدونين كان محدودا وجودة المدونات كانت –في العموم- لافتة।
خلال السنة الموالية بدأت ظاهرة التدوين في الإنتشار وسط مستخدمي الإنترنت العرب، وبدأت الصحافة العربية تقارب –بشيء من الخجل- موضوع المدونات. ظهرت آنذاك خدمات تدوين مجانية باللغة العربية، وبدا في الأفق أن ثورة جديدة قادمة.. ثورة على غرار “ثورة المنتديات” التي فرخت في حينها آلاف المنتديات باللغة العربية، كلها تتشابه فيما بينها وكلها تنقل عن بعضها البعض، مرسخة بذلك لثقافة “النسخ/لصق” و”مشكوووووووور”!
تحقق ذلك بسرعة وبوضوح خلال السنة الموالية (2007)، فقد بدأت المدونات تتناسخ كالفيروسات ناقلة معها “فوضى المنتديات” بكل سلبياتها.
غير أنه من جهة أخرى، استطاع مدونون آخرون ترسيخ مفهوم مختلف للتدوين العربي؛ بعضهم أنشأ مدونات شخصية لنقل خبراتهم للآخرين، وآخرون اختاروا طريق التعبير عن وجهات نظرهم في مشاكل مجتمعاتهم الاجتماعية والسياسية، مما قاد بعضهم إلى التصادم مع المؤسسات الأمنية –القامعة للحريات- في دولهم.
شخصيًا كنت منذ البداية أنظر للمدونات على أنها وسيلة إعلامية قادرة على التغيير، وليست مجرد صفحات شخصية لصاحبها أن يكتب فيها أي شيء فرداني وبالغ الذاتية. صحيح أن المدونات ظهرت في بداياتها في أمريكا كأي موقع شخصي آخر لا يختلف عن المواقع الشخصية المعتادة إلا في طريقة العرض والتنسيق، غير أنها سريعًا أصبحت (هناك) شكلا إعلاميات جديدا لا يكتفي بمراقبة ومحاسبة الحكومة بل إمتدت سلطتها حتى الأشكال الإعلامية الأخرى، من صحف وفضائيات. وقد تحدثت عن هذا في أكثر من مقال جمعت أغلبها في كتاب “ألفباء التدوين”. [على ذكر الكتاب، الإصدار الثاني منه شبه جاهز. تأخرت في نشره لأني أدرس بعض الخيارات المتعلقة به.]
لكني للحقيقة لم أستطع أن أبقى وفيًا لإختياري. ربما لأني لا أنفع لأن أكون صحفيًا (أو قريبًا من ذلك)، أو ربما غياب أي نوع من الحركية في المغرب، وخاصة في مدينتي، لا يسمح للمدونات بأن تمارس السلطة التي أتمناها وبالشكل المطلوب.
ما زلت حتى الآن لم أستطع اتخاذ قرار نهائي. هل أبقي المدونة كما “غرفة شخصية” صفحةً شخصية أجمع فيها مفضلتي الشخصية، أم.. صحيفة شخصية أمارس فيها ما يسمى بالدور الإعلامي للمواطن. فهي بشكلها الحالي هجينة بين الصنفين، وهو ما يقلل من إحتمالية تأثيرها، أهميتها، وعدد قرائها الدائمين.
قد تكون المشكلة أساسا ذاتية جدًا، متمثلة في شخصيتي الملولة جدًا. كثيرًا ما أتحمس للغاية لأفكار ومشاريع ما، وأعمل عليها بحماس كبير، لكن فجأة (غالبا لسبب تافه) أفقد الحماس دفعة واحدة وأترك كل شيء. حين أفقد الشغف بشيء ما، أتوقف عن الإهتمام به تماما، مهما تكن حجم الخسائر.
شهر أبريل 2007 وجدت في المكتبات العدد الثاني من مجلة “دبي تك”، وهي صادرة عن دار الصدى الإمارتية. لاحظت أن المجلة ينقصها الكثير، لكني توقعت لها مستقبلا جيدا بحكم غياب هذا النوع من المطبوعات وبحكم التمويل الجيد الموفر لها. راسلت المجلة وبسرعة كبيرة حصلت على وظيفة مراسل للمجلة من المغرب، براتب مناسب جدًا (حسب قيمة الدولار آنذاك). بدأت فورًا في الإعداد للمواضيع المطلوبة، ولأن المجلة شهرية، فإنني أثناء الإعداد أصادف الكثير من المحتوى الذي لن يكون مناسبا للنشر في المجلة. لذلك أنشأت مدونتي 18GMT، وقد كنت أخطط لها الكثير في الأيام المستقبلية. لكن للأسف الشديد، حصلت مشاكل إدارية في المجلة فتوقفت عن الصدور. (رغم أنها توقفت، إلا أني حصلت على أجري عن المقالات التي أرسلتها، رغم أنها لم تنشر. والشكر للأستاذ باسم شاهين الذي رغم إبتعاده عن المجلة قام بدوره ليحصل كل الكتاب على مستحقاتهم عن المواد المرسلة.)
بعد توقف المجلة لم أعد قادرا على المواصلة في تلك المدونة، فهي تحتاج إلى جهد كبير، ولم يكن من المنطقي التفرغ لها في غياب أي إمكانية لتحقيق عائد مادي من ورائها آنذاك. أقول هذا للإجابة عن إستفسارات المتسائلين عن توقف تلك المدونة.
اليوم أبدأ سنتي الرابعة في التدوين. إستفدت كثيرا من السنوات التي مضت. هي قطعا لم تكن كلها بذات الدرجة من الإنتاجية، لكن التجربة في العموم تبقى جيدة، رغم حالة التذبذب التي أعيشها منذ فترة بخصوص طبيعة هذه المدونة.
خلال السنة الموالية بدأت ظاهرة التدوين في الإنتشار وسط مستخدمي الإنترنت العرب، وبدأت الصحافة العربية تقارب –بشيء من الخجل- موضوع المدونات. ظهرت آنذاك خدمات تدوين مجانية باللغة العربية، وبدا في الأفق أن ثورة جديدة قادمة.. ثورة على غرار “ثورة المنتديات” التي فرخت في حينها آلاف المنتديات باللغة العربية، كلها تتشابه فيما بينها وكلها تنقل عن بعضها البعض، مرسخة بذلك لثقافة “النسخ/لصق” و”مشكوووووووور”!
تحقق ذلك بسرعة وبوضوح خلال السنة الموالية (2007)، فقد بدأت المدونات تتناسخ كالفيروسات ناقلة معها “فوضى المنتديات” بكل سلبياتها.
غير أنه من جهة أخرى، استطاع مدونون آخرون ترسيخ مفهوم مختلف للتدوين العربي؛ بعضهم أنشأ مدونات شخصية لنقل خبراتهم للآخرين، وآخرون اختاروا طريق التعبير عن وجهات نظرهم في مشاكل مجتمعاتهم الاجتماعية والسياسية، مما قاد بعضهم إلى التصادم مع المؤسسات الأمنية –القامعة للحريات- في دولهم.
شخصيًا كنت منذ البداية أنظر للمدونات على أنها وسيلة إعلامية قادرة على التغيير، وليست مجرد صفحات شخصية لصاحبها أن يكتب فيها أي شيء فرداني وبالغ الذاتية. صحيح أن المدونات ظهرت في بداياتها في أمريكا كأي موقع شخصي آخر لا يختلف عن المواقع الشخصية المعتادة إلا في طريقة العرض والتنسيق، غير أنها سريعًا أصبحت (هناك) شكلا إعلاميات جديدا لا يكتفي بمراقبة ومحاسبة الحكومة بل إمتدت سلطتها حتى الأشكال الإعلامية الأخرى، من صحف وفضائيات. وقد تحدثت عن هذا في أكثر من مقال جمعت أغلبها في كتاب “ألفباء التدوين”. [على ذكر الكتاب، الإصدار الثاني منه شبه جاهز. تأخرت في نشره لأني أدرس بعض الخيارات المتعلقة به.]
لكني للحقيقة لم أستطع أن أبقى وفيًا لإختياري. ربما لأني لا أنفع لأن أكون صحفيًا (أو قريبًا من ذلك)، أو ربما غياب أي نوع من الحركية في المغرب، وخاصة في مدينتي، لا يسمح للمدونات بأن تمارس السلطة التي أتمناها وبالشكل المطلوب.
ما زلت حتى الآن لم أستطع اتخاذ قرار نهائي. هل أبقي المدونة كما “غرفة شخصية” صفحةً شخصية أجمع فيها مفضلتي الشخصية، أم.. صحيفة شخصية أمارس فيها ما يسمى بالدور الإعلامي للمواطن. فهي بشكلها الحالي هجينة بين الصنفين، وهو ما يقلل من إحتمالية تأثيرها، أهميتها، وعدد قرائها الدائمين.
قد تكون المشكلة أساسا ذاتية جدًا، متمثلة في شخصيتي الملولة جدًا. كثيرًا ما أتحمس للغاية لأفكار ومشاريع ما، وأعمل عليها بحماس كبير، لكن فجأة (غالبا لسبب تافه) أفقد الحماس دفعة واحدة وأترك كل شيء. حين أفقد الشغف بشيء ما، أتوقف عن الإهتمام به تماما، مهما تكن حجم الخسائر.
شهر أبريل 2007 وجدت في المكتبات العدد الثاني من مجلة “دبي تك”، وهي صادرة عن دار الصدى الإمارتية. لاحظت أن المجلة ينقصها الكثير، لكني توقعت لها مستقبلا جيدا بحكم غياب هذا النوع من المطبوعات وبحكم التمويل الجيد الموفر لها. راسلت المجلة وبسرعة كبيرة حصلت على وظيفة مراسل للمجلة من المغرب، براتب مناسب جدًا (حسب قيمة الدولار آنذاك). بدأت فورًا في الإعداد للمواضيع المطلوبة، ولأن المجلة شهرية، فإنني أثناء الإعداد أصادف الكثير من المحتوى الذي لن يكون مناسبا للنشر في المجلة. لذلك أنشأت مدونتي 18GMT، وقد كنت أخطط لها الكثير في الأيام المستقبلية. لكن للأسف الشديد، حصلت مشاكل إدارية في المجلة فتوقفت عن الصدور. (رغم أنها توقفت، إلا أني حصلت على أجري عن المقالات التي أرسلتها، رغم أنها لم تنشر. والشكر للأستاذ باسم شاهين الذي رغم إبتعاده عن المجلة قام بدوره ليحصل كل الكتاب على مستحقاتهم عن المواد المرسلة.)
بعد توقف المجلة لم أعد قادرا على المواصلة في تلك المدونة، فهي تحتاج إلى جهد كبير، ولم يكن من المنطقي التفرغ لها في غياب أي إمكانية لتحقيق عائد مادي من ورائها آنذاك. أقول هذا للإجابة عن إستفسارات المتسائلين عن توقف تلك المدونة.
اليوم أبدأ سنتي الرابعة في التدوين. إستفدت كثيرا من السنوات التي مضت. هي قطعا لم تكن كلها بذات الدرجة من الإنتاجية، لكن التجربة في العموم تبقى جيدة، رغم حالة التذبذب التي أعيشها منذ فترة بخصوص طبيعة هذه المدونة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق