- هل التدوين “يؤكل عيش” ؟
- محمد الساحلي : أفترض أنك تقصد التدوين العربي، لذلك فإن جوابي هو: لا. لو كنت تقصد التدوين العالمي فالجواب حتما: نعم؛ إذ ثمة نماذج عالمية كثيرة لمدونين، أفراد وجماعات، أمسى التدوين مهنتهم المدرة للدخل والمتفرغين لها تماما. فهناك مدونات تدر على أصحابها آلاف الدولارات شهريا، وهناك مدونات أصبحت شركات نشر يتجاوز دخلها الشهري 200 ألف دولار.تتعدد أساليب الكسب المادي من التدوين، إلا أنها جميعها مرتبطة ببنية التجارة الإلكترونية. وبما أن التجارة الالكترونية العربية هزيلة جدا، ومحتكرة أيضا، فإن فرصة الكسب والعيش من التدوين بالنسبة للمدونين العرب تكاد تكون منعدمة.
المشكلة ليست حصرا على المدونين، بل على كل ناشري المحتوى العربي على الإنترنت، إلا عددا محدودا من الناشرين الكبار وأصحاب العلاقات في الوسط الدعائي.
أما متى سيصبح التدوين العربي مدرا للدخل؟
ببساطة حين نحل المشاكل الحالية.
على مستوى الحكومات نحتاج إلى تحرير التعاملات المالية عبر الإنترنت. على المستوى البنكي نحتاح إلى توفير حلول سهلة للأداء عبر الإنترنت. على مستوى وسطاء الإعلان الالكتروني نحتاج إلى كسر الاحتكار. وأخيرا سيصبح التدوين مصدر عيش المدونين حين يصبح تعامل المستخدمين العرب للإنترنت أكثر إنتاجية وتفاعلهم أكثر إيجابية.
- رؤوف شبايك : إذا نظرت إلى أي موقع انترنت، سيكون مصدر دخله في الأغلب من بيع الإعلانات، أو تلقي عمولات من بيع منتجات وخدمات لزواره. كما يعرف كل من حاول دخول هذا المجال، الإعلانات العربية على انترنت ضعيفة جدا، وإن وجدتها ستراها تذهب إلى المواقع الكبيرة أو الشهيرة. على الجهة الأخرى، لا زال الشراء العربي عبر انترنت ضعيفا من مواقع البيع العربية، ربما لعدم الثقة في هذه المواقع والتي قد تسيء استخدام البيانات المالية للمشترين بدون تردد، لأنك لا تجد جهة قادرة على محاسبة من يفعل ذلك من هذه المواقع. إجابة الشق الثاني من السؤال تتوقف على حدوث تغير في هذين السمتين. كذلك دعني أسأل القارئ، كم إعلانا على انترنت شاهده وترك أثره عليه وجعله يتخذ قرارا بالشراء؟ حين يزيد عدد هذه الإعلانات المؤثرة، سنجد المزيد منها، ومع زيادتها ستزيد الحاجة لمواقع انترنت لعرض هذه الإعلانات عبرها.- أسامة الزبيدي : إذا تتكلم عن التدوين في العالم العربي فهو للأسف (يخرب بيت) قبل أن يؤكل عيش فكثيرة هي القصص التي سمعنا بها عن مدونين عرب تم اعتقالهم وتعذيبهم بسبب مواضيع كتبوها في مدوناتهم، بعكس التدوين في العالم الغربي الذي خطى ومازل يخطو خطوات كبيرة لدرجة أن هناك من المدونين الأجاتب من احترف التدوين واتخذها مهنة يترزق منها وأذكر منهم المدون الشهيرLeo Babauta الذي يتابعه عبر الخلاصات أكثر من ١٠٠ ألف شخص، وبالنسبة للشق الثاني من السؤال فلست متفائلا في الحقيقة بأن يتحقق ذلك يوما ما…ربما بعد ١٠ أو ١٥ سنة على الاقل إذا كنت متفائلا!
- لماذا يندر وجود مدونات تتناول مواضيع أخرى غير السياسة والتكنولوجيا؟
- محمد الساحلي : إنه مأزق المحتوى العربي على الإنترنت: غياب الإبداع وهيمنة النقل والسرقات الأدبية.
لو سألتني هذا السؤال قبل عامين لكان جوابي هو أن المدونين العرب الأوائل هم في أغلبيتهم من المهتمين بالتكنولوجيات الحديثة، لذلك اكتشفوا التدوين مبكرا قبل الآخرين، ومن الطبيعي أن يكتبوا حول المواضيع التكنولوجية بجانب مواضيعهم الشخصية الأخرى.
لكن الآن أقول بأن السبب هو سهولة ترجمة المواضيع التكنولوجية من المدونات الانجليزية. فكل من يجيد حرفين من الانجليزية يمكنه أن يترجم مقالات المدونات العالمية ويعيد نشرها في مدونته. لذلك تجد أن المشكلة ليست فقط في هيمنة مواضيع التكنولوجيا على التدوين العربي، بل المشكلة في تكرار المواضيع نفسها بين عدد كبير من المدونات.
أما المواضيع السياسية فمن الطبيعي أن تظهر مهيمنة. لأن التدوين في بدايته كان أداء للتعبير عن الرأي بكل حرية. ونظرا للسياسات القمعية المهيمنة على كل الدول العربية، من البديهي أن يميل الشباب نحو التدوين للتعبير عن أرائهم السياسية.
المشكلة هنا أن التدوين دخل العالم العربي متأخرا، وقبل أن ينضج كفاية برز على المستوى العالمي الحضور الطاغي لفيسبوك ثم تويتر، مما سحب البساط سريعا من التدوين، قبل أن يمر التدوين العربي بذات المراحل التي مر منها التدوين في أمريكا.
من جهة أخرى، مشكلة غياب الثيمات الموضوعاتية غير التكنولوجيا والسياسة راجعة إلى بنية التعليم العربية. فالمدارس العربية، بإصرار غريب، تخرج كل سنة آلاف من الخريجين ”الأغبياء“ غير القادرين على صياغة جملة مفيدة واحدة، فكيف سينتجون محتوى جديدا في تصنيفات موضوعاتية مختلفة؟
مشكلة الإنترنت العربية تكمن خارجها؛ في بنية المجتمعات العربية المعاصرة (المتبلدة في عمومها)، وفي أنظمة الحكم ذات الممارسات غير المنطقية في أغلب الدول العربية!
- رؤوف شبايك : الأمر عرض وطلب، فمن جهة العرب يحبون الحديث في السياسة والخوض فيها، كما أن التقنية بشكل عام متجددة بمعدل سريع، وتؤثر على قطاع الشباب بشكل كبير، فمن لا يريد معرفة مزايا أحدث هواتف نوكيا أو آيفون، أو اسم التطبيق الذي يجعلك تزيد من مدى بلوتوث أو تجري مكالمات عبر انترنت بتكلفة أقل؟ كذلك لا تنس أن قلة المردود والعائد المالي من المدونات يفرض على المدونين التحول إلى نشاطات أخرى أكثر جدوى.
- أسامة الزبيدي : ربما لأن هذين الجانبين هما الأكثر طلبا من قبل الجمهور في عالمنا العربي، فالمدونات السياسية لها جمهورها بسبب عدم استقرار المنطقة كنتيجة للصراع العربي الإسرائيلي ووجود عدد من الأنظمة القمعية العربية، أما المدونات التكنولوجية فهي بارزة نتيجة للفجوة العلمية الموجودة بيننا وبين الغرب ووجود الكثير من الشباب المتعطش لمواكبة آحر التطورات والاستزادة من المعرفة .
- ماذا ينقص المدون في العالم العربي المال أم سقف الحرية ؟
- محمد الساحلي : مشكلة سقف الحريات محلولة، إذ يمكن دائما الكتابة بأسماء مستعارة والاستعانة بأدوات التمويه وإخفاء الهوية.
المال ليس مشكلة كبيرة، فليس كل من يدون يفعل لأجل المال. هناك قلة يفعلون ذلك بنية ممارسة التدوين كمهنة، هؤلاء مشكلتهم ليست في التدوين نفسه بل كما قلت في جوابي عن السؤال الأول، المشكلة في التجارة الإلكترونية عربيا.
التدوين بطبيعته نشاط فردي حر لا تحكمه أي قيود ولا أهداف، إلا أن يكون أداء تواصل وتعبير في يد المدون، يفعل بها ما يشاء كيفما يشاء متى ما شاء.
لو أن السؤال حول ما الذي ينقص التدوين العربي ليكون فاعلا في المجتمعات العربية وذا قدرة على التغيير، فإن جوابي سيكون هو: ”الديموقراطية“. ففي الدول غير الديموقراطية لا يملك المدون، كما لا يملك الصحفي، حرية الوصول إلى مصدر الخبر، ولا يملك حرية التعبير عن رأيه. الأسوء أنه حتى لو ملك ذلك فكل ذلك يبقى بلا فائدة في الأنظمة الثيوقراطية حيث كل السلطة في يد ”الحاكم“، الفرد الواحد، الذي بيده أن يفعل ما يشاء، حتى وإن ترك الشعب يقول ما يشاء!
- رؤوف شبايك : الاثنان معا. المال يعطيك حرية عند إبداء الرأي، ولو توفرت الحرية لكن بدون مال فسيظل المدون أسيرا!
- أسامة الزبيدي : أعتقد أن المال ليس بقضية جوهرية عندما يتعلق الأمر بالتدوين كون كلفة إنشاء وإدارة أي مدونة شيء لا يذكر، وهو ما يقودنا للحديث عن سقف الحرية الذي يعتبر أحد العوائق الرئيسية أمام تطور التدوين العربي وانطلاقه إلى آفاق جديدة.
- لماذا لا نرى حدوث اندماجات بين المدونين العرب لتكوين مدونات أقوى في المحتوى ؟
- محمد الساحلي : لأننا لم نتعلم كيف نتعاون ونتعامل كجماعة. إذ لاشعوريا لا يفكر الواحد منا في البحث عن شريك أو عن عملية اندماج لتقوية المشروع، كيفما كان نوعه. لعله النظام التعليمي الذي بقدر ما يقولب الأفراد يرسخ فيهم التنافر من بعض، أو لعله الخوف السياسي من أي تجمع كيفما كان.
أو ببساطة هو طابع التنافس الفرداني الذي يدفع كل فرد للعمل وحده ليحصل على كل ”النجاح“ وحده.
- رؤوف شبايك : فكرة الاندماج لكي تتحقق لا بد من تواجد مبررات قوية لها حتى تتحقق. إذا كانت مدونتي لا تجلب لي سوى الصداع والتعليقات النارية، مع عوائد إعلانات تعاني من الهزال الشديد، فلماذا أزيد همي وأندمج مع مدونة أخرى تزيد مشاكلي وأعبائي؟ كذلك المدونات التقنية التي تفتح أبوابها لنشر مقالات المدونين، تنشر مقالا أو اثنين لمدون / كاتب ما، ثم ربما لا تجد المزيد من المقالات لتنشره، وتبقى تبحث عن مدونين على درجة عالية من المهارة لتنشر لهم، وهذا يتطلب بذل المزيد من المال، لكن كيف والعوائد قليلة أو معدومة؟
- أسامة الزبيدي : للأسف لدينا مشكلة كبيرة في عالمنا العربي فيما يتعلق بالعمل الجماعي ولا أبالغ عندما أقول أن البعض لديه حساسية من العمل ضمن فريق عمل منظم، أقول ذلك بناء على تجربة حيث كنت ومازلت أحاول تكوين فريق لإنشاء مدونة تقتية متخصصة إلا أن على رأس العقبات التي أواجهها هي عدم تعامل أغلب من تواصلت معه مع هذا الموضوع بجدية وتفضيل البعض الآخر على العمل بشكل منفرد سعيا للمجد الشخصي، طبعا أستثني من كلامي عددا من المدونات العربية الناجحة التي تعد على أصابع اليد
- نصيحتك للمدون الجديد ؟
- محمد الساحلي : في كل حوار قرأته كنت أقفز عن السؤال الذي يسأل فيه المحاوِر المحاوَر عن نصيحته للوافدين الجدد في مجال تخصص المحاوَر. دائما كنت أجد تلك النصائح غبية، ولن أقع بدوي في نفس الخطأ وأقدم نصائح غبية. ما يمكن أن أقوله قلته من قبل في مدوناتي، في سياقات معينة، ولا داعي لتكراره مرة أخرى.
- رؤوف شبايك : اكتب عما تحبه. اكتب من أجل إرضاء نفسك لا الآخرين. اكتب كل يوم لكي تتقن الكتابة. لا تتوقف أبدا عن الكتابة. لا تتعجل الشهرة فهذه ستأتي بعد سنتين على الأقل.
- أسامة الزبيدي : التركيز على المحتوى الجيد والتحديث بشكل دوري بدلا من التركيز على الإعلانات وتبادل الروابط النصية وهو للأسف الشيء الذي لاحظته على أغلب أصحاب المدونات ، فشخصا أنا مؤمن بأن المدونة المتميزة تروج لنفسها بنفسها.
يمكنكم الاطلاع على المزيد من كتابات الضيوف من خلال مدوناتهم:
- مدونة محمد الساحلي .
- مدونة رؤوف شبايك .
- مدونة اسامة الزبيدي .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر
السلام عليكم ورحمة الله :
ردحذفوالله شكرا كتيير لضيوفنا الأعزاء
أ/ محمد الساحلى , أ/ رؤوف شبايك
أ/ اسامة الزبيدى
وأرجوا أن تقرأوا موضوعى الذى نشرته قريبا
وهو يناقش تلك الأشياء التى تحدثتهم فيها
وأتمنى إبداء أرائكم فى فكرة الموضوع وفى المدونة ككل
هذا هو الرابط:
http://mytadwen.blogspot.com/
تحياتى لكم
نسيت الموضوع بعنوان رابطة المدونين العرب حلم أم حقيقة ؟؟؟
ردحذفhttp://mytadwen.blogspot.com/
روعة يا أستاذ توفيق...روعة
ردحذفمقال عصري وسبق تدويني لا مثيل له, فقد أستضفت ثلاثة عمالقة من عمالقة الدوين في العالم العربي, بارك الله فيك ولا تحرمنا من مثل هذه التدوينات لكن نصيحة لكل المدوينين يمكنك النجاح ويمكن تحقيق كسب من التدين العربي إذا فكر المدون بطريقة مختلفة...
أ. توفيق
ردحذفعلى فكرة مدونة محمد الساحلي تم التهكير عليها من شاب تافهة وأبله...
أستاذ حسن السلام عليكم.
ردحذفأخي الكريم هو من حيث أنه روعة ، و سبق تدويني لا مثيل له فهو كذلك .لكن الشرف يا أخي هو ليس لي بل لموقع " أرقام ديجيتال " الذي وضعت رابطه في نهاية الإستجواب .هذا رابط نص الإستجواب الأصلي أنشره للمرة الثانية :
http://digital.argaam.com/?p=13739
و لأنه روعة رأيت أن أعيد نشره تعميما للفائدة.
شكرا.
بالمناسبة أستاذ حسن أنا أتفق معك حول حول نصيحتك للمدونين بخصوص مسألة الربح من التدوين في العالم العربي.أنا أيضا أعتقد بأنه ممكن ، و ممكن جدا.
ردحذفشكرا.
شكرا لك أخي توفيق، وشكرا للضيوف الكرام، فعلا استفدت أمورا كثيرا هنا.
ردحذفأتيت متأخرا كالعادة .
ردحذفلكن الحوار جميل جدا جدا .
واستفدت منه جدا جدا .
تحياتى .
مشكرو أستاذ محب.
ردحذفتشرفت بالزيارة.