
في اليوم الأول فرضت عليهم معاملة قاسية ( قسوة في الكلام،في الطعام، في كل شيئ..) و في نفس الوقت كلفت من يندس في أوساطهم ليراقب تحركاتهم و يحصي تصرفاتهم بالتفصيل
بعد يومين جمعتهم و ألقيت فيهم كلمة لم أبدأها بأي ترحيب . قلت لهم:لا تظنوا أننا جمعناكم لننتفع بثقافتكم و علمكم و لكن لنخلص الأمة من شركم .فأنتم نخبة السوء ..أنتم سبب الصراعات و الخلافات و كل الأمراض و العيوب التي يعاني منها شعبنا.فلو كنتم نخبة صالحة لكان وضعنا في مقدمة الأمم. لكن بما أنكم نخبة زائفة فهذا مستوانا أمامكم قد وصل إلى الحظيظ .لهذا فنحن نعلمكم بأننا في صدد إنتظار الأوامر ومن يدري فربما تقضي بقتلكم جميعا و تخلص الأمة من شركم
قلت لهم هذا و تركتهم لمدة شهر و خلال هذه المدة كنت أتتبع يوميا التقارير التي تصل عنهم . وفي النهاية إخترت من بينهم ثلاث ماءة رجل ثم أطلقت سراح الآخرين
بعد ذلك أمرت بنقل الباقين إلى قصر كبير و جميل و فرت لهم فيه كل متطلبات الحياة الراقية.و هناك رحبت بهم و قدمت لهم الإعتذار على الطريقة التي عوملوا بها في الأول، كما عبرت لهم عن أسفي و أملي في أن يتفهموا دوافعي من ورائها ثم قلت لهم:لعلمكم فنحن ما جمعناكم إلا لنطلعكم عن مدى حبنا لكم و عن شعورنا بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقكم . كما جمعناكم لتتعرفوا على بعضكم عن قرب فتتحاوروا و تتعايشوا و تفكروا مع بعض في جو بعيد عن كل الضغوطات و عن أي صراعات فتحاولوا أن تتوصلوا إلى حد أدنى من التوافق و تحددوا برنامجا لهذه الأمة بكل جدية و كل مسؤولية
و لقد رأيتم -قلت لهم- في المرحلة الأولى من تجمعنا هذا كيف أن الكثير ممن كانوا معكم، الذين كنتم تعدونهم من قبل في طليعة النخبة الجزائرية. لقد رأيتم زيف تكوينهم و زيف مبادئهم و أخلاقهم .لهذا فمن أراد منكم أن يبقى معنا ليواصل هذه التجربة فأهلا به و سهلا و سيجدنا من حوله كالخدم ،لكن من رأى غير ذلك فبإمكانه الإنصراف و سنكرر له للمرة الألف إعتذارنا و أسفنا على المضايقة و نحن في نفس الوقت مستعدون لأي تعويض مادي أو معنوي
عندها قام واحدا منهم و طلب أن يجتمع عدد من أبرز الحاظرين في جلسة مغلقة على ألا يتعدى عددهم العشرة أشخاص فيتشاوروا مع بعض حول القرار الذي سيتخذه الجميع
بعد ساعة من ذلك خرجوا من حجرة الإجتماعات التي كانت مهيئة لهم في ذلك القصر و تقدم أحدهم فقال بأن أسلوب الإرهاب الذي جمعتهم به لم يكن يتوافق مع فكرة الإقتراح الذي عرضته عليهم و أنهم نظرا لذلك قرروا الإنصراف
عندها شعرت بحزن كبير و حز في نفسي أن يذهب تدبيري كله في مهب الريح لكن مع ذلك لم يكن لدي إختيار إلا النزول عند رغبتهم و تمكينهم من الإلتحاق ببيوتهم
في ذلك الجو و بينما هم يتهيؤون للأنصراف و بينما أنا أبحلق فيهم مبهورا بالطريقة التي آلت إليها الأمور إقترب مني ذلك الرجل الذي تكلم نيابة عنهم و همس في أذني بأنه توجد بقية من كلام حول قرارهم لم يطلعوني عليه بعد
نظرت إليه آملا التوضيح فابتسم و قال بأنهم يمكنهم العدول عن قرارهم إذا كان سيتولى إدارة ذلك الملتقى واحدا منهم و إذا كنت سأقبل الإنسحاب تماما من ذلك القصر و من المشاركة في تلك التجربة
جوابي على إقتراحه جاء قصيرا و غريبا.لقد ابتسمت و قلت له : ربما لا تصدقني لو أخبرتك بأني في هذه اللحظة نائم . فأنا مواطن جزائري عادي لا أتعاطى مع الثقافة و الفكر كمنتج و لكن كمهتم فقط. أنا أعيش معكم هذه التجربة في الحلم و ليس في اليقضة، أما أنتم فالمفروظ أنكم تعيشونها في اليقضة . و بالنسبة لشرطكم فمن دون أن تطلبوا مني الإنسحاب أخبرك بأنه حان وقت استيقاضي و ذهابي إلى عملي و انغماسي في همومي اليومية التي تحول دون تدخلي فيكم أو التحكم في نشاطكم .فكانت هذه الكلمات هي التي استيقظت على وقعها .قلتها له و شعرت بحلاوتها تداعب لساني لما أفقت من النوم / إنتهى
ـــــــــــــــــــــ
تحرير الرسالة
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قائمة تدويناتي الخاصة.
اخي الحبيب توفيق : والله اني تمنيت لو كنت ضمن المخطوفين ,,
ردحذفما اروعك ,,, وما انبل قلبك ,,, ليته حقيقة وليس حلما !!!
رائع كعادتك ايها التلمساني توفيق ,,, هكذا تسدى النصائح ,, بل وهكذا يكون النقد البناء الهادف ,, الذي لا يحابي ولا يعادي ولا يجامل ,,,,
من جديدي :
تغرُّ الغافلين َ وَلا تبالِي
أحيزتْ للصَّفاء ِ أم ِ اكْفهَرَّتْ
يَضيقُ مسارُهَا فيضيقُ صدْرٌ
إذا طالَ الهُيام ُ بهَا اسْتخَفَّتْ
تسامرُ لهفة َ الولهان ِ حتَّى
يظن ُّ بروحِه ِ فيها اسْتقرَّتْ
فما أبقت ْ لمُحْتضِن ٍ شجونا ً
ولا دامتْ لقيس ٍ أوْ لِميرْفتْ
تحياتي لك ,,,,,,