الثلاثاء، 6 أبريل 2010

كيف يمكن لمدونة يرغب أصحابها في تحقيق الربح المادي أن يتغلبوا على المعوقات الموضوعية ؟

للجواب سأحاول أن أتوقف عند أهم نقاط الإختلاف التي تميز المدونات عن المواقع الإلكترونية المحترفة التي يفترض أن من بين أهدافها الأساسية هو تحقيق الربح المادي.

أهم تلك النقاط هو أن المواقع المحترفة تتأسس على كونها تملك الصبغة القانونية بمعنى أن لها ترخيص من سلطات البلاد التي تعمل فيها يمكّنها من مزاولة نشاطها بشكل رسمي و يسمح لها بإجراء تحقيقات ميدانية و استجوابات و تغطية أحداث و غيرها من النشاطات التي تدخل في دائرة العمل الصحفي ، و هي الوضعية التي تفرض عليها من جانب آخر أن يكون لها مقر اجتماعي و حد أدنى من التمويل لمزاولة عملها كدفع أجور طاقم تحريرها و ما عليها من مستحقات لدى مصلحة الضرائب و غيرها من الإلتزامات المادية الأخرى.

هذه المعايير تمكن الموقع المحترف من جمع مادة إعلامية و ثقافية مغرية و الترويج لها بطرق معينة بحيث تجلب عددا كبيرا من الزوار لمطالعتها و هي النتيجة التي تساهم في إقناع المتعاملين الإقتصاديين و الإجتماعيين و السياسيين بدفع أموالا لإدارة الموقع مقابل نشر صفحات إشهارية مباشرة أو غير مباشرة و الإستفادة من اطلاع هؤلاء الزوار عليها ، كما أنها هي نفسها النتيجة التي يستغلها طاقم الموقع في تحقيق أرباح إضافية بطرق ملتوية أخرى .

بالنسبة للمدونات لا شك أنها تعد شكلا من أشكال النشر التي تملك أن تقدم مادة إعلامية أو ثقافية مثلها مثل أي وسيلة إعلام محترفة لكنها في نفس الوقت هي تفتقد لجل مقومات العمل الصحفي التي ذكرناها ، أهمها أنها لا تملك رخصة رسمية تسمح لصاحبها أو أصحابها بجمع الأخبار من مصادرها الأصلية ولا ممارسة النشر بشكل قانوني و هي الوضعية التي تكبلها بمجموعة كبيرة من القيود ، هذا بالإضافة لكون المشرف على المدونة هو شخص في الغالب غير متفرغ كلية للكتابة في مدونته و بالتالي فهو لا يستطيع أن يحقق الإستمرار بشكل منضبط و لا أن يقدم مادة إعلامية أو ثقافية مغرية تملك أن تجلب عددا كبيرا من الزوار ،النتيجة التي تجعل المتعاملين الإقتصاديين و الإجتماعيين و السياسيين في البلاد يتحمسون لدفع أموالهم مقابل نشره لصفحات إشهار تروج لمنتوجاتهم أو أفكارهم.

بالنسبة لمسألة قانونية النشر في المدونات هذه رغم أنها لم تحضى بتشريع في جل الدول العربية إلا أن التحولات السياسية و الإعلامية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة فرضت واقعا جديدا جعل السلطات السياسية في بلداننا تتغاضى عنه و تتعامل مع المدونات كحالة مسموح بها رغم أنها غير معترف بها قانونا و في هذا الإطار يمكننا أن نفسر ذلك التغاضي بمجموعة كبيرة من المؤشرات أهمها انفتاح دولنا على شبكة الإنترنت الذي يعتبر في أحد أهم أوجهه انفتاحا على وسائل النشر عبر العالم و بالتالي فإذا كانت الدولة لا تسمح بإصدار مواطنيها لمواقع من داخل تراب وطنهم فهؤلاء المواطنون يمكنهم إصدار مواقع من خارج البلاد مع العلم أن حتى طرق التشويش التقنية التي تمارسها بعض الدول على مجموعة من المواقع ( المزعجة).حتى ذلك التشويش يأتي في كثير من الأحيان بنتائج عكسية أقلها خطورة أنه يساهم في زيادة شهرة تلك المواقع .

و من بين تلك المؤشرات أيضا نذكر الإهتمام الذي توليه وسائل الإعلام التقليدية لميدان التدوين و الإستجوابات التي تجريها مع كثير من رواده دون أن تتلقى مضايقات من السلطات نتيجة ذلك أو أن يدّعي أحد بأنها غير مسموح بها، هذا بالإضافة لإنشاء سياسيين بارزين لمدونات خاصة بهم و مشاركة آخرين في مدونات لمواطنين عاديين عن طريق التعليق و غيرها من المؤشرات التي تؤكد بأن ميدان التدوين دخل مرحلة لا رجعة فيها.

حسب المعطيات التي ذكرناها كيف يمكن لميدان التدوين الإلكتروني أن يطرق أبواب الربح المادي ؟

من ناحيتي و بعد حوالي ثلاث سنوات قضيتها في هذا الميدان أهم نقطة بت مقتنع بها فيما يتعلق بتحقيق ربح مادي كنتيجة لممارسة فعل التدوين هي أن يشترك في إدارة المدونة مجموعة من الأشخاص لأن هذا العامل بالإضافة لمساهمته في تدارك عجزهم كأفراد فهو يساهم في تكثيف جهودهم في نفس الموقع و يضمن ممارسة كل واحد منهم في محيطه الذي يعيش فيه مهمة المراسل الصحفي لصالح الموقع و هنا تأتي أهمية أن يتم خوض التجربة ابتداءا من منطقة لا يتعدى نطاقها ولاية من ولايات الوطن.

ما مدى مشروعية طلب الربح المادي كنتيجة لممارسة التدوين تجاه القانون ؟

أنا أرى أننا لو نأتي لنتكلم عن المشروعية القانونية في هذا المجال فهنا سنضطر لطرح أسلوب عمل كثير من القطاعات الحيوية التي يستند إليها اقتصاد البلاد ..سنضطر لطرح مشروعية الأسواق الموازية التي يعد أصحابها بالآلاف و طريقة سير النشاط التجاري الذي يملك أصحابه مبدئيا رخص قانونية تسمح لهم بمزاولته.. و هل المؤسسات الموجودة في السوق تدفع الضرائب بشكل منتظم ؟ و هل التبادلات التجارية تتم بفواتير و وقف المعايير المطلوبة ؟ لذلك فما تجدر الإشارة له هنا هو أن اقتصاد الدولة في قسم كبير منه يعيش حالة فوضى لابد من الإعتراف بها..حالة يبررها أن البلاد طالما أنها اختارت الإنتقال من الإقتصاد الموجه إلى الإقتصاد الحر لا بد لها أن تمر عبر مرحلة انتقالية يتم فيها غض الطرف على كثير من النشاطات في السوق الموازية و هذا على أمل أن يتمكن أصحاب تلك النشاطات من اختبار قدرتهم على الدخول في المنضومة القانونية أو التراجع عن نشاطهم بعد اكتشافهم لعجزهم عن التأقلم مع متطلبات السوق.و عليه فطالما أن المدونون لا يكون لهم نشاطا مشبوها سياسيا أو أمنيا فأظن بأن سلطات البلاد ستتغاضى عنهم بل أكاد أجزم أنها ستتابعهم بأعين فيها كثير من الإعجاب و برغبة في التشجيع .لأن نشاط من هذا النوع في حالة نجاحه يمكنه أن يؤسس في المستقبل لاستقطاب آلاف الشباب الذين يعانون من ويلات البطالة.

أخيرا هل ينتظر الأعضاء في المدونة الجوارية مجيئ الإعلانات لوحدها إليهم ،أم أنهم هم الذين سيسعون إليها ؟ و في هذه الحالة . ما هي السبل التي تمكنهم من ذلك ؟

الإجابة عن هذا السؤال سنخصص لها موضوعا مستقلا في المستقبل القريب إن شاء الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا المقال هو ضمن سلسلة مقالات نحاول أن نحيط من خلالها بموضوع المدونات الجوارية ، الهدف الذي نؤمن بأنه قادر على جعل التدوين الإلكتروني يؤثر في الواقع بدلا من بقائه في عالم افتراضي بعيدا عن حياة الناس الحقيقية.
بقية النصوص التي كتبناها في الموضوع هي :

ـ 1 ـ تعريف التدوين الجواري و من أين يستقي أهميته ،و إلى أي مدى يملك أن يفيد المجتمع ؟

ـ 2 ـ المشاكل التي يفترض أن تصادفها المدونات الجوارية ، و المضايقات التي تتعرض لها من قبل محترفي الفساد .موضوع ختمناه بطرح كيفيات تصدي لتلك المشاكل.

ـ 3 ـ تتمة لكيفية التصدي للمضايقات التي تعيق أن تؤتي المدونات الجوارية أكلها. (التركيز على أهمية الكتابة باسم مستعار.)

ـــــــــــــــــــــــــــ
أرجو من الإخوة و الأخوات الزوار المؤمنين بالخطورة التي يمكن أن يشكلها الإعلام في التأثير على مجرى الحياة .أرجو أن يساهمو من جهتهم في الدعاية لهذا النوع من المدونات بالكتابة عنه في مدوناتهم و إثرائه بمزيد من الأفكار و ينبهوني إن أمكن لأي خطأ أو تقصير ربما أكون قد وقعت فيه .كما أرجو منهم أن يساهموا في إقناع الشباب بأهمية دخول هذا الميدان و الوقوف معهم للنجاح فيه.

ـــــــــــــ

تحرير الرسالة

هناك 4 تعليقات:

  1. التدوين كالدجاجة التي تبيض ذهبا...هكذا قالت لي الصورة رفقة التدوينة.

    ردحذف
  2. السلام عليكم
    مقال رائع وممتع...
    لكن هناك أيضاً طرق للربح من المدونات لا يلتفت إليها الكثيرون سأخصص لها مقال إن شاء الله
    تحياتي

    ردحذف

المجموعة البريدية للمدونات العربية . لأخذ فكرة عنها و عن أهدافها ، اضغط هنا
مجموعات Google
اشتراك في المجموعة البريدية للمدونات العربية
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

أكثر المواضيع رواجا منذ نشأة المدونة.

تصنيفات

أخبار التدوين. (69) أخلاقيات التدوين. (6) استطلاع رأي. (3) الإنترنت في الدول العربية (3) التدوين من خلال تقييمات لتجارب شخصية. (2) المدونات الجوارية. (1) المدونات و دورها في الدعاية الفكرية و السياسية. (2) اهتمام رجال السياسة و مؤسساتهم بميدان التدوين. (9) اهتمام وسائل الأعلام بالتدوين و المدونات . (5) تدويناتي الخاصة. (32) تعرف على الأردن (1) تعرف على الجزائر (3) تعرف على موريتانيا (3) تعرف على موريتانيا. (1) تنظيمات التدوين (1) حريات (5) حملات عامة. (11) حوار مع مدون (مختصرات عن كرسي الإعتراف ) (3) حوار مع مدون أردني (2) حوار مع مدون جزائري (7) حوار مع مدون فلسطيني. (1) حوار مع مدون مصري. (4) حوار مع مدون موريتاني (5) حوار مع مدون. (5) دراسات عن التدوين (3) دعاية و ترويج (5) دليل المدونات العربية. (4) عيد سعيد (1) متابعات. (9) معلومات عامة عن الدول العربية (3) مفهوم التدوين و أهميته (14) مقالات عن التدوين في الأردن. (12) مقالات عن التدوين في الجزائر (7) مقالات عن التدوين في الكويت. (1) مقالات عن التدوين في فلسطين (1) مقالات عن التدوين في مصر. (7) مقالات عن التدوين في موريتانيا. (6) ملف التدوين الجواري (5) ملفات التدوين. (4) من أحسن ما قرأت في المدونات المصرية. (3) من أحسن ما قرأت في مدونات موريتانيا (1) من أهم ما قرأت في مدونات الأردن (2) من أهم ما قرأت في مدونات الجزائر. (7) من أهم ما قرأت في مدونات المغرب. (3) مواقع أدلة و منصات متخصصة في التدوين. (1) نجوم التدوين ( حوارات ) (11) نصائح و مساعدات عملية يحتاجها المدون (5) نقاش (5) هذه المدونة (2) وحدة الأمة العربية و الإسلامية . (1)