لقيته ويا ليتني ماكنت لقيته ، وجه قديم من وجوه الخدمة الوطنية كان يومها جنديا عاديا وكنت وقتها ضابطا ، كان شابا ثائرا ومرحا وخدوما وكنت أقترب منه في الكثير من هذه الصفات ، كنّا في كلانا في خدمة البلد ، مرّت السنون وفي هذا اليوم وبينما أنا أتفرّس بعض الوجوه التي لايحلو لها المقام إلا حول المقاهي الشعبية وبجانب محطّات النقل العمومي وتختار أن تتدبّر أقواتها بطرقها الخاصّة قابلني الرجل بابتسامة واهنة لم أعهدها كثيرا من هؤلاء المنتشرون من حولي كالجراد والذين قد يعاملونني في كثير من الأحيان كعنصر غريب ،،لقد عرفته بسحنته التي طالها كثير من التغيير ، تعانقنا كأحر ما يكون العناق وسألته عن أحواله …..
متزوّج هو وأب لبنات وبنين ، أصيب بمرض في الأمعاء وأخضع لعمليتين جراحيتين ، قال بتعبيره الخاص أن أمعاءه تتيبّس ثم تلتوي فيضطر الأطباء إلى القص واللحم مرّة أخرى ، وبحكم المرض حذّره الأطبّاء من ممارسة أي عمل،هو مقبل على عملية جراحية ثالثة والطبيب الجرّاح الخاص طلب منه ثلاثين ألف دينار كحد أدنى لايقبل المساومة ومهما كانت ضروفه ، قال لي بأن المسؤولين المحليين لم يعطوه سكنا وهو يسكن بالإيجار لدى الخواص بستة آلاف دينار شهريا ، يتقاضى هذا المخلوق من المواطنين الصالحين ثلاثة آلاف دينار شهريا في إطار الشبكة الإجتماعية ، قال لي بأنه عدّ من المنكوبين إثر فياضانات أوكتوبر العام المنصرم وأن السيول دخلت عليه بيت الإيجار وحملت معها الأثاث القليل الموجود ، نقلوه إثرها إلى بيت الشباب خارج المدينة مما اضطرّه إلى نحمّل مصاريف نقل ابنته إلى المدرسة قبل ويعد الدوام ،عاد ليستأجر بيتا مرة أخرى وسط المدينة قال لي بأن يومياته مثقلة بأعباء المرض والفاقة وهو يحمد الله صباح كل يوم عندما يفيق ويجد نفسه حيا يرزق ،الرجل لم يخف امتعاضه مما يجري حوله لقد قال في غمرة الغضب لو كنت أدري أنني سأعاني ما أعانيه لالتحقت بالجبل ، ربّت على كتفه وطمأنته بأن وراء العسر يسرا …
نوفمبر كان إعلانا عن الجهاد في سبيل دحر كل أشكال الظلم والقهر والطغيان وجبهة التحرير كانت من أجل تحرير الإنسان فهل تحقّق الحلم فعلا يا نوفمبر ..
نوفمبر كان إعلانا عن الجهاد في سبيل دحر كل أشكال الظلم والقهر والطغيان وجبهة التحرير كانت من أجل تحرير الإنسان فهل تحقّق الحلم فعلا يا نوفمبر ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق