
أما من جهتي فأنا أرى أن الخوض في هذه القضية يتطلب العودة للنظر في مذاهب الناس حيال التدوين ،إذ لا يمكننا أن نسوي بين من يدون نتيجة لرغبته الخاصة في الترويح عن نفسه فيلجأ لنشر يومياته أو كتابة محاولاته الأدبية و بين من دخل هذا الميدان كشكل من أشكال النضال السياسي أو الفكري بعد أن سدت في وجهه كل أشكال التعبير عبر القنوات الرسمية.
كما أننا لا يمكننا أونسوي بين هاذين الصنفين و بين من وجد في التدوين فرصة لاحتراف ميدان الصحافة طمعا في تحقيق ذاته مهنيا و ماديا ، خاصة و أن المهتمين بهذا القطاع من خريجي معاهد الإعلام و غيرها من الكليات ذات العلاقة هم يلاحظون مثل غيرهم ظهور كثير من المدونات في دول الغرب وتمكنها من النجاح كوسائل إعلام ذات بعد تجاري ،و بالتالي فإذا تمنى هؤلاء الشباب أن يستغلوا فرصة التدوين لتحقيق أحلامهم المهنية فهنا لا أحد لديه الحق في أن ينكر عليهم طموحهم، خاصة و أن البطالة أضحت مثل الوحش المفترس يحرم عدد لا يحصى منهم من تحقيق نفسه مهنيا.
لهذا فلا أحد يملك أن يعيب على الآخر حريته في التدوين بالشكل الذي يحلو له.لكن في نفس الوقت هذه الحرية لا يجب أن تعطي للبعض مثلا الحق في الإنتقاص من شأن غيرهم ممن لديهم قناعاة بوجوب التهيكل في إطار تنظيمات تدوينية يدافعوا من خلالها عن أفكارهم بشكل جماعي أو يطالبوا عن طريقها ببعض الحقوق أو يآزروا من يتعرض منهم لمضايقات. لأن المدون حين يخوض في السياسة أو يزاحم أرباب الصحافة في قوت يومهم أو يبادر بأي نوع من أنواع الكتابة التي تترتب عنها مسؤولية أمام القانون و يكتب باسمه الحقيقي وصورته من الممكن جدا أن تعود كتابته عليه بالضرر والمتاعب،خا صة و أن الكل يتتبع أخبار انزعاج السلطات في بعض الدول العربية من موجة التدوين و ما يترتب عن هذا الإنزعاج من اختفاء و سجن لكثير من رواد هذا النشاط .
فالمدونات حسب رجال السلطة ـ كما قال أحدهم ـ " لا تعني أكثر من وسائل أتاحت للأجيال الجديدة من الصحفيين والأدباء الشعبويين الشبان،فرصة التعبير عن أنفسهم وقضايا مجتمعهم من خلال الاعتماد على منهج استخدام المواطن كمصدر ومنتج ومستهلك للمعلومات فى نفس الوقت، وهو الأمر الذى لا يتوافر فى وسائل الإعلام التقليدية التى غالباً ما يحدث فصل فيها بين هذه العناصر الثلاثة سالفة الذكر، مما ساهم فى كسر مصفاه الإعلام التى تتحكم فيها الدولة، وأدى إلى إزالة الكثير من مظاهر الغموض بشأن حركة المعلومات وسهولة الحصول عليها فى المجتمعات، وخلق نمط جديد من وسائل تعزيز المحاسبة والشفافية داخل النظم السياسية العربية." .و بالتالي فعندما يفكر المدون في طريقة توافقية تربط العلاقة بين الصحفيين على الانترنت والمدونين والقراء والدولة تضمن حقوق الجميع و تمكنه من العمل من أجل تعميق الثقة بين الأطراف.فهنا نجد أنفسنا مجبرين على تفهم موقفه ،لأن هذا النوع من العمل لا يتحقق إلا إذا كان مسنودا بنقابة أو اتحاد ينشط في إطاره.
لكن رغم هذا فما يجعلني أتوقف في موضوع هذه التنظيمات هي الضبابية التي تطبع نشاطها بشكل عام فحسب تقديري الشخصي لا يحق لشخص أو مجموعة أن يوجهوا دعوة للناس و يقولوا لهم تعالوا لننشئ اتحادا للمدونين المصريين او الأردنيين و الجميع يعلم أن المجتمع المصري أو الأردني منقسم على نفسه إلى جماعات و أحزاب ،فلا يعقل أن تختلف هذه المجتمعات في كل شيئ و تتوحد فجأة لما يتعلق الأمر بالتدوين، و عليه فأنا أرى إن كان و لا بد فالأجدر أن يتم الإعلان من البداية بأن هذا التنظيم أو ذاك يعد امتدادا لتيار فكري أو سياسي معين و هكذا يتمكن المدون من اعلان إنتمائه على أساس من الشفافية و لا يصبح كما يقال "مثل الأطرش في الزفة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نص اعلان الموافقة يمكنكم مطالعته في المدونة الناطقة باسم الجمعية.
(2) يمكنكم مطالعة موقف الأستاذ محمد عمر في رده على تعليق لي عنده
(3) كلام الدكتور محمد الشرقاوي منشور في مدونته
(4) نص الإستجواب
ــــــــــــــــــــــــــ
تحرير الرسالة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائمة تدويناتي الخاصة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق