و للناس فيما يدونون مذاهب

هذا المقال هو للمدون المغربي : سعيد بن جبلي./ ليدون كل على ليلاه . التدوين بحر لا ساحل له، و للناس فيما يدونون مذاهب .

بعض المدونين يكتفي ببعض الخواطر و الإبداعات الأدبية، بينما يجد نزر من الفنانين في المدونات معرض مجانية ومفتوحة أبدا لجميع لوحاتهم وتصاميمهم، وبعض الناس يفضل عرض صوره الشخصية وصور عائلته على صفحات الانترنت عبر أشكال ووسائل عديدة منها المدونة، وفئة من الكتاب أو الطلاب اختارت التعبير عن همومها الفكرية والسياسية والاجتماعية عبر المدونات، فتعبر عن معاناة المبدع وتطلعات الناقد، وترصد الآفات الاجتماعية والتظاهرات الثقافية وتطور المجتمعات والأمم، وفي الأغلب الغالب فان المدونين يعززون مدوناتهم بمقالات تعجبهم أو أخبار تهمهم فيقتبسون من المواقع الاليكترونية و يرقمون النصوص المطبوعة ويعيدون تسجيل ونشر البرامج و المشاهد التلفزيونية، وقد يجعل الواحد من مدونته موقعا إليكترونيا متنوعا لما توفره المدونات كشكل تواصلي إلكتروني من يسر وسهولة وانخفاض تكلفة في التصميم والإدارة.

كثير من الباحثين أوجدوا لأنفسهم مساحة حرة على النت، وحتى بعض الدكاترة والعلماء والمشايخ وجدوا في المدونات أفضل ما يربطهم بتلامذتهم وجمهورهم، غير أن أهم تطور حصل في عالم المدونات هو ذلك الإقبال الكبير من الإعلاميين والصحفيين الهاربين من سلطة الرقابة و مساءلة المؤسسة، أما الظاهرة التي اكتسحت المدونات وساهمت في شهرتها فتمثل في استعمالها من طرف كثير من الحقوقيين و السياسيين للنضال والاحتجاج، وذلك لسهولة النضال عبر المدونات وتواضع تكلفته المادية والحركية.

و بينما تتضارب الآراء حول تاريخ أهداف التدوين ومسيرته يحتد النقاش بين المدونين حول الشكل المفترض والأهداف المطلوبة و المضمون المقبول للمدونات، وضوابط و أخلاقيات وحدود ممارسة التدوين، وحول طبيعة حركة المدون وعلاقته بباقي المدونين.
وحيت يضيق البعض واسعا ويحجرون على حرية المدون، يسارع البعض لتحديد ضوابط و قوانين للتدوين، أما البقية الباقية فتكتفي بالتنظير المبني على الملاحظة و الاستقراء، أما السادة أصحاب المراكز في السلطة فيتربصون بعالم المدونات الرحب وينصبون له الفخاخ، ليتسنى ضبطه وتحجيمه.

أما المؤسسات الإعلامية فهي تستغل سمعة المدونات ورصيدها لتزيد من روادها و جمهورها دون تعويض لجهد المدون وتعبه، جهد وتعب تحسن بعض المؤسسات التجارية والإعلانية استغلاله لصالحها و استمالة المدونين ليكتبوا عن منتجاتها مدحا وتبجيلا، فكل شيء يباع في هذا العصر، حتى رأي المدون.

وكما يجند أبطال التدوين أنفسهم للدفاع عن قضايا التحرر و الإنسانية، فان أنفسا و موظفين تجندهم السلطات الأمنية و أجهزة الاستخبارات لمواجهة وضبط أسراب المدونين المنضويين في جيوش الممانعة والمعارضة، للتشويش و التشكيك في مصداقية التدوين وأهليته المدونين، ولكبح جماحهم بنفس وسيلتهم، وكما توجد مدونات مناضلة توجد مدونات موالية للسلطات ومدافعة عن الواقع أو مبررة لتصرفات المسئولين وتوجهات المحاور الكبرى.

وليس من المستبعد أن تستعمل المدونات في توجيه الرأي العام من قبل أجهزة الاستخبارات، كما ليس بمستغرب استغلالها في الحملات الانتخابية.

لو طالت بنا الأيام وبقي من العمر بقية فسنرى مدونات تجارية، ومدونات لطلب المساعدة والتسول الافتراضي، وربما نطالع مدونات للمشعوذين وأخرى لمردة الجن أو زوار الأرض من الفضاء.

فقد كشفت الأيام أن التدوين بحر لا ساحل له، وأن للناس في التدوين مذاهب، فليدون كل على ليلاه.

رابط النص الأصلي : ليدون كل على ليلاه، التدوين بحر لا ساحل له، و للناس فيما يدونون مذاهب . للأستاذ سعيد بن جبلي
البيضاء في:09 مارس 2007